تفسیر ابن عربی
تفسیر ابن عربی
سورة القدر
[1- 2]
[سورة القدر (97): الآیات 1 الى 2]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَ ما أَدْراکَ ما لَیْلَةُ الْقَدْرِ (2)
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ لیلة القدر هی البنیة المحمدیة حال احتجابه علیه السلام فی مقام القلب بعد الشهود الذاتی لأن الإنزال لا یمکن إلا فی هذه البنیة فی هذه الحالة، و القدر هو خطره علیه السلام و شرفه إذ لا یظهر قدره و لا یعرفه هو إلا فیها، ثم عظمها بقوله: وَ ما أَدْراکَ ما لَیْلَةُ الْقَدْرِ أی: أیّ شیء عرفت کنه قدرها و شرفها.
[3- 4]
[سورة القدر (97): الآیات 3 الى 4]
لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِکَةُ وَ الرُّوحُ فِیها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ کُلِّ أَمْرٍ (4)
خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ قد مرّ أن الیوم یعبر به عن الحادث کقوله: وَ ذَکِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ فلکل کائن یوم، و إذا بنى على هذه الاستعارة کان کل نوع شهرا لاشتماله على الأیام و اللیالی اشتمال النوع على الأشخاص، و کل جنس سنة لاشتمالها على الشهور اشتمال الجنس على الأنواع، و الألف هو العدد التام الذی لا کثرة فوقه إلا بالتکرار و الإضافة، فیکنى به عن الکل، أی: هذا الشخص وحده خیر من کل الأنواع. ثم بیّن وجه تفضیله و سبب خیریته فقال: تَنَزَّلُ الْمَلائِکَةُ وَ الرُّوحُ فِیها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أی: القوة الروحانیة و النفسانیة بل الملکوت السماویة و الأرضیة و الروح مِنْ کُلِّ أَمْرٍ أی: من جهة کل أمر هو معرفة جمیع الأشیاء و وجوداتها و ذواتها و صفاتها و خواصها و أحکامها و أحوالها و تدبیرها و تسخیرها.
[5]
[سورة القدر (97): آیة 5]
سَلامٌ هِیَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
سَلامٌ هِیَ سلامة عن جمیع النقائص و العیوب حَتَّى وقت طلوع فجر الشمس الطالعة من مغربها و قرب الموت، فحینئذ لا تکون سلامة أی سالمة أو سلام فی نفسها لکثرة السلام علیها من اللّه و الملائکة و الناس أجمعین.